د.عبد الله بوصوف: المستحيل ليس مغربيا.. المستحيل ليس عربيا
التنظيم الخرافي وحفل الافتتاحي الأسطوري لمونديال قطر 2022، جعل من دولة قطر حكاية تحدي دولة عربية إسلامية فـي تنظيمها لأكبر تظاهرة كروية في العالم…وهو التحدي الذي قاوم كل الانتقادات و الحملات المبرمجة ضد دولة قطر منذ إعلان عن فوزها بتنظيم كأس العالم في دجنبر 2010، فكانت النتيجة…أن قطر استفادت من كل تلك الانتقادات بإدخالها لإصلاحات تهم حقوق العمال و نظام الكفالة و قدمت تعويضات لذوي العمال من ضحايا حوادث الشغل…
و رغم وذلك فقد استمرت بعض الاذرع الإعلامية و الحقوقية في حملتها الابتزازية ضد قطر..حتى بعد صافرة انطلاق المونديال في نوفمبر 2022..برفعها لشعارات الحقوق الفردية و الدفاع عن مجتمعات الميم…وهو استفزاز دفع برئيس الفيفا ” جياني انفانتينو ” يقول مدافعا عن قطر ” أنا أوروبي ، و بسبب ما فعلناه على مدى 3000 سنة في جميع أنحاء العالم ، يجب ان نعتذر لمدة 3000 سنة مقبلة قبل إعطاء دروس أخلاقية – و أضاف – ان هذا الدرس الأخلاقي الأحادي الجانب نفاق محظ…”
أكثر من هذا فان قطر جعلت من المونديال لقاء ” لم الشمل ” قادة الصف الأول بالدول العربية و الإسلامية ، و مصافحات تمهد لمصالحات بين الرئيس السيسي وأردوغان مثلا ، و كذا لقاءات ودية بين أمير قطر ” تميم بن حمد ” ولي عهد العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان و زيارة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ” محمد بن زايد ” للدوحة و لقاءه امير قطر ” تميم بن حمد ” و غيرها من اللقاءات التي تعسرت في مناسبات عربية أخرى ..وهو نجاح آخر يحسب لدولة قطر و للعائلة الأميرية…
الواقع هو أن دولة قطر صغيرة المساحة، لكنها أثبتت أنها دولة عملاقة بطاقاتها الإنسانية و رغبتها الكبيرة بالجلوس مع الكبار و خير دليل هو نجاحها في فرض احترامها من طرف الآخر ( دول أو منظمات…) واحترام تقاليدها وأعرافها و أخلاقها الدينية…وهو ما جعل الشارع العربي و الإسلامي يساند قطر ضد كل تلك الحملات التشويهية ، من جهة و شاهدنا العديد من ضيوفها الأجانب بلباس خليجي في أسواق قطر و شوارعها من جهة ثانية….وهو نجاح آخر يحسب لدولة قطر و للعائلة الأميرية…
ويستمر الحلم العربي في مسلسل الإنجازات و التفوق في مونديال قطر 2022 من خلال منتخب ” الأسود ” المغربي، إذ سيطيح المنتخب المغربي بكل منتخبات مجموعته محتلا صدارة الترتيب ، ويعيد أمجاد مونديال 1986 بتأهله إلى الدور الثاني…إنجاز حرك الشارع العربي والإفريقي من جديد ووحّد شعارات التشجيع والانتماء من الخليج إلى المحيط …
كانت كل مكونات المنتخب المغربي من إداريين ومسؤولين ولاعبين… تدرك جيدا أن وراءها ملايين من المشجعين في كل الأقطار العربية…مشجعين ملئوا الملاعب والمقاهي وأغرقوا شبكات التواصل الاجتماعي بتصريحات الفخر والاعتزاز بالفريق المغربي العربي الإسلامي الإفريقي…تفاعل غير مسبوق مع الفريق المغربي بعد أن أصبح الممثل الوحيد لكل الدول العربية و الإسلامية…واحتفال جماعي غير مسبوق في شوارع الدول العربية والإفريقية وساحات الدول الأوروبية حيث يحتفل مغاربة العالم إلى جانب الجاليات العربية و الإسلامية والإفريقية بالنصر في لعبة رياضية اجتمعت في العديد من مفاصلها السياسة بالاقتصاد و بالشعارات الأيديولوجية و الحقوقية…
كان الشارع المغربي ومعه العربي يرفع من سقف انتظاراته بعد كل فوز وتأهل للمنتخب المغربي…ومقابلته اليوم مع المنتخب الاسباني هي تحدي جديد…أولا، لأن جميع ممثلي الدول العربية وإفريقيا قد غادروا المونديال… وثانيا، هو أن المغرب سبق له المرور للدور الثاني.. لكن هل ستسمح له إسبانيا بالمرور لدور الربع…؟ وهو ما شكل حافزا قويا لدى ” أسود الأطلس ” للصمود أمام منتخب اسبانيا والحائز على بطولة أوروبا للأمم وعلى كأس العالم…أضف أن بطولته هي من أقوى وأغنى بطولات كرة القدم العالمية…
الحضور الجماهيري القوي داخل الملعب وفي كل بيوت الدول العربية والإفريقية كان هو اللاعب رقم 12، إذ كنا نشاركهم هتافاتهم طيلة المباراة من الرباط والبيضاء ووجدة والعيون والداخلة ومراكش والناظور وفاس ومكناس واكادير وطاطا والراشيدية….
كان صوت التشجيع والهتاف يكسر صمت الشوارع الفارغة من المارة عند ضربات الترجيح في مقابلة اسبانيا وسرعان ما امتلأت زغاريد وأصوات منبهات السيارات إعلانا بمرور المغرب لدور ربع نهائي مونديال قطر كأول دولة عربية وإسلامية…
وليستمر الحلم العربي بتنظيم خرافي لدولة قطر وبمشاركة قوية وغير مسبوقة للمنتخب المغربي….وبمساندة قوية من طرف كل الدول العربية…فهاهو الأمير محمد بن راشد حاكم دبي يغرد بقوله: المستحل ليس مغربيا..المستحيل ليس عربيًا..أسود ورجال المغرب بكم نفخر ونفاخر العالم