ذ.عبد الله بوصوف: الاحتفال بذكرى المسيرة الخضراء لسنة 2022 كان “كشف حساب” لعمل دؤوب متواصل وانتصارات على جبهات السياسة والدبلوماسية والتنمية البشرية
الاحتفال بالذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء المجيدة له طعم خاص هذه السنة، إذ كان مناسبة لتقديم جزء من “كشف الحساب” في معركة الدفاع عن مغربية الصحراء، واحتفالًا بالنتائج الإيجابية ليس على المستويين السياسي والدبلوماسي، حيث فتحت 30 قنصلية بكل من العيون والداخلة، أو قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2654 في أكتوبر 2022 أو الإجماع العربي والانتصار للوحدة الترابية المغربية في قمة جامعة الدول العربية، التي انعقدت بالجزائر في فاتح نوفمبر، أو الحضور الوازن للمغرب في مجلس السلم والأمن بمنظمة الوحدة الإفريقية أو اعترافات الدول الأوروبية الكبرى بقوة مبادرة الحكم الذاتي المغربية، وقبلها الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء.. أضف إلى ذلك المشاركة المكثفة لأبناء الجنوب المغربي في كل الاستحقاقات الانتخابية وفي كل المنظمات الحقوقية والعمالية والرياضية.
احتفال بذكرى المسيرة الخضراء لسنة 2022 خُصص للحديث عن جانب التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأبناء منطقة الصحراء المغربية. احتفال يتكلم بلغة الأرقام والإنجازات منذ توقيع البرنامج التنموي للأقاليم الصحراوية في نوفمبر 2015 بالعيون، ونوفمبر 2016 بالداخلة، وتخصيص غلاف مالي ضخم قدره 77 مليار درهم.
لكن الخطاب ذكّر بنقطة مهمة للغاية هي أن السلطات المحلية والمنتخبة هي المسؤولة عن تنزيل هذا البرنامج والإشراف على مشاريعه. بمعنى آخر أن أبناء الأقاليم الجنوبية كانوا مسؤولين منذ سبع سنوات عن تحقيق وتنزيل مشاريع البنية التحتية، من طرق سيارة وكهرباء وشبكات الاتصالات ومحطات الطاقة الشمسية والريحية والميناء الكبير الداخلة – الأطلسي، وعن تحويل منتوجات الصيد البحري وآلاف الهكتارات الفلاحية بكل من بوجدور والداخلة ومشاريع في مجالات الصحة والتعليم والتكوين والشغل والثقافة…
كل هذه الآفاق والقطاعات الواعدة كانت بأيدي أبناء المنطقة ولصالح المواطن المغربي الصحراوي، سواء في خلق فرص الشغل ودعم مبادرات التشغيل الذاتي أو في مجال النهوض باللغة والثقافة الحسانية باعتبارها مكونا هاما للهوية الوطنية الموحدة.
أكثر من هذا، البرنامج التنموي للأقاليم الصحراوية من شأنه تأهيل المنطقة من أجل تعزيز دورها التاريخي والروحي والاقتصادي بين المغرب وعمقه الإفريقي. وهو ما مهد له جلالة الملك بزيارته للشقيقة نيجيريا سنة 2016، وتوقيعه مع شقيقه الرئيس النيجيري محمد البخاري الإطار التعاقدي لمشروع أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب، الذي سيكون أطول أنبوب غاز في العالم يربط إفريقيا بأوروبا، وسيمر من 13 دولة من الغرب الإفريقي، بالإضافة إلى موريتانيا والمغرب، وهي الدول التي اجتمعت من جديد في شهر شتنبر 2022 بالرباط من أجل توقيع مذكرة التفاهم، وأعلنت عن إرادة سياسية لإنجاحه، والالتزام بالمساهمة في إنجاح مشروع استراتيجي لفائدة منطقة الغرب الإفريقي التي تضم 440 مليون نسمة. وسيوفر المشروع فرص تحقيق الأمن الطاقي والاقتصادي والاجتماعي، كما سيوفر ضمانات السلام والاندماج الاقتصادي والاجتماعي والتنمية المشتركة لدول غرب إفريقيا، لهذا لا يعتبره جلالة الملك مشروعا ثنائيًا بين بلدين شقيقين.
كل السبل متوفرة إذن لإنجاز المشروع الإفريقي وتنزيله في أقرب الآجال، بدءا من إرادة سياسية والتزام أخلاقي واستعداد مؤسسات مالية، إقليمية ودولية، للمساهمة الفعلية في إنجازه.
لذلك فإن الاحتفال بذكرى المسيرة الخضراء لسنة 2022 كان “كشف حساب” لعمل دؤوب متواصل وانتصارات على جبهات السياسة والدبلوماسية والتنمية البشرية. لقد كان جرعة من الطاقة الإيجابية وجردا إيجابيا لإنجازات البرنامج التنموي للأقاليم الصحراوية المغربية منذ نوفمبر 2015، وفتح آفاقا جديدة لدول الغرب الإفريقي وأبرز حسنات أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب في اتجاه دول أوروبا.
ذكرى المسيرة الخضراء لسنة 2022 هي احتفال بتحرير الأرض من طرف المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، واحتفاء بالمسيرات المتواصلة التي يقودها جلالة الملك محمد السادس من أجل كرامة المواطن المغربي.