د.عبد الله بوصوف يدعو إلى “تشكيل تحالف دولي ضد أفكار اليمين المتطرف والعداء للآخر على غرار الحلف الذي شكل ضد الإرهاب”
قال عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج خلال مشاركته في الدورة ال115 للملتقى الدبلوماسي الذي انعقد يوم أمس الأربعاء 5 أكتوبر، إن العالم يعيش على وقع “تشنجات هوياتية كبيرة”، تجعل منه ينقسم إلى تيارَين، أحدهما ينطلق من منطق “الصدام” بينما الآخر ينادي بتغليب مبدأ الحوار والتعايش؛ محذرا في هذا الصدد من “موجة كراهية تجتاح أغلب بلدان أوروبا في ضوء صعود أحزاب اليمين المتطرف”، لاسيما في دول مؤثرة أوروبيا مثل إيطاليا، السويد وفرنسا.
الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة في الخارج الذي كان يتحدث الأربعاء في مقر المؤسسة الدبلوماسية من خلال حلوله ضيفاً على “الملتقى الدبلوماسي” في دورته ال115، المنظم ضمن سلسلة اللقاءات الدورية والتواصلية مع السفراء الأجانب المعتمدين بالمملكة المغربية، قال: “لن نتساهل مع كراهية الأجانب وكراهية الآخر التي بدأت تنتشر في الأوساط الأوروبية، وتعاني منها الجاليات المسلمة والعربية بالخصوص”؛ داعياً في هذا الصدد إلى “تشكيل تحالف دولي ضد أفكار اليمين المتطرف والعداء للآخر، على غرار الحلف الذي شُكّل ضد الإرهاب”.
وأمام حضور دبلوماسي متنوع لأزيد من 40 سفيراً أجنبياً معتمَدين بالرباط، لم يتوان الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج في بسط مهام مؤسسته ودورها الاستشاري، فضلا عن علاقاتها بالمؤسسات الحكومية في ميادين الهجرة وتدبير الشأن الديني وتقييم السياسات العمومية والخدمات المؤسساتية المرصودة لمغاربة العالم.
وفي تصريح خص به موقع هسبريس الإلكترونية على هامش الملتقى، حث بوصوف على “تجويد الخدمات وتعزيز الارتباط الوثيق للجالية المغربية بوطنها الأم”، مع مراعاة الاختصاصات المسندة إلى قطاعات مؤسساتية ووزارية أخرى بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل؛ واضعا انعقاد هذا الملتقى الدبلوماسي في سياق “تفعيل مضامين الخطاب الملكي لذكرى 20 غشت الأخير”.
كما كان هذا اللقاء مع السلك الدبلوماسي المعتمد بالمغرب فرصة سانحة بسط من خلالها بوصوف “الإستراتيجيات القطاعية الطموحة التي تبناها المغرب في مجالات الهجرة والمجال الديني، ورصد الآليات الكفيلة التي من شأنها منح فرص الاستفادة من كفاءات مغاربة العالم الذين ينتشرون في حوالي 100 بلد بمختلف مناطق المعمور”.
وشدد المتحدث، في السياق ذاته، على أن “الهجرة أصبحت مُعوْلَمة”، مُرجعا ذلك إلى ما وصفه بـ”تغيّر السياقات الثقافية التي أصبحت تفرض إعادة نظر في السياسات الموجهة للجالية والهجرة”.
“الجالية المغربية خزان خبرة في العديد من التخصصات (لاسيما الطب والهندسة)، ما يجعل مغاربة العالم ركيزة أساسية في تحقيق التنمية، ليس فقط في بلدان الإقامة والاستقبال، بل داخل موطنهم الأصلي”، يؤكد الأمين العام للمجلس، قبل أن يورد مثالا على قوة الجالية في ترجيح كفة أطياف سياسية فرنسية معيّنة في سباق الانتخابات الأخيرة ضد تيار اليمين المتطرف.
ووفقا لهسربيس، توقف بوصوف عند الانتخابات التشريعية الفرنسية الأخيرة، معتبرا أن “الجاليات المسلمة أنقذت وجه فرنسا وقيم الجمهورية التي تتهم بمعاداتها”؛ لكن بالمقابل أكد أن “كل ما يقال عن عدم رغبة المغرب في استقبال مهاجرين قاصرين غيرُ صحيح”
ولفت المتحدث ذاته انتباه السفراء إلى توجه فرنسي متصاعد، خلال السنين الأخيرة، نحو استعداء المغرب ومصالحه، وزاد: “على الأقل هناك 240 مقالا نشرتها صحيفة لوموند الفرنسية طيلة عام 2021 كلها سلبية عن المغرب”، متسائلا: “كيف يُعقل هذا؟”.
تفاعلا مع سؤال لأحد السفراء، علّق بوصوف على قضية تقليص فرنسا تأشيراتها لفائدة المغاربة بالقول: “هو أمر مرفوض متعارض مع حقوق الإنسان التي تكفل حق التنقل وحريته. كما أنه من المستغرب رفض منح التأشيرة رغم توفر الشروط”.
وأكد بوصوف، في معرض حديثه أن الملتقى يهدف إلى إبراز “دور مغاربة العالم في الترويج للنموذج الديني المغربي السمح المعتدل الذي يجد مرجعيته الروحية لدى إمارة المؤمنين”، ناهيك عن دورهم في التنمية الاقتصادية من خلال الترويج لمنتجات وخدمات مغربية الصنع في بلدان الإقامة.
وعلى مستوى التعاون الدولي أبرز الأمين العام إستراتيجية المملكة المغربية في تدبير ملفات الهجرة وتدبير المشهد الديني مع العديد من دول العالم، وسعي المملكة إلى مكافحة التطرف من خلالها تقاسمها تجربتها في ذلك مع بلدان المهجر.
خلص الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج إلى تشريح “المعيقات المعرقلة لتحقيق الاندماج الديني والثقافي وإبراز المضايقات التي من شأنها تقويض التعايش المشترك”.