وكالة الأناضول تخصص ملفا إخباريا خاصا حول صعود اليمين المتطرف بأوروبا بعنوان: ” حصاد 2023.. اليمين المتطرف يفرض نفسه في السياسة الأوروبية”
تميز العام 2023 في أوروبا بتسلم عدد من أحزاب اليمين المتطرف مقاليد السلطة أو المشاركة في صنع القرار السياسي في دول القارة.
وفي الجزء الأول من ملف إخباري خاص بعنوان “اليمين المتطرف في أوروبا”، جمع مراسلو الأناضول النتائج التي حققتها أحزاب اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية خلال العامين الماضيين، والتوقعات بشأن انتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في يونيو 2024.
وبينما حصلت أحزاب اليمين المتطرف على نتائج مختلفة في الانتخابات التي أجريت بأوروبا هذا العام، كانت النتيجة في هولندا الأكثر لفتاً للانتباه، حيث حقق “حزب الحرية” بقيادة المناهض للمهاجرين والمعادي للإسلام، خيرت فيلدرز، تقدما ملحوظا واستحوذ على المركز الأول بفارق كبير عن منافسيه في الانتخابات العامة المبكرة التي جرت في 22 نونبر الماضي، ما شكل مفاجأة للجميع بما في ذلك فيلدرز نفسه.
وفي خطابه أمام أنصاره بعد نتائج الانتخابات، زعم فيلدرز أنه بناء على تلك النتائج “لم يعد من الممكن تجاهل تيار اليمين المتطرف، وأن الوضع بخلاف ذلك سيكون غير ديمقراطي على الإطلاق.. من الآن فصاعدا سنحكم البلاد”.
فيلدرز الذي تصدر الانتخابات البرلمانية، يواصل بذل الجهود لتشكيل حكومة ائتلافية في هولندا تجمع أحزاب اليمين، واليمين المتطرف، من أجل تحقيق حلمه وهدفه المنشود في حكم البلاد.
يميني متطرف يترأس برلمان هولندا
وفي جلسة للتصويت السري في 15 دجنبر الجاري، تم انتخاب مرشح حزب الحرية مارتن بوسما، رئيسا لمجلس النواب الهولندي.
وجرى التصويت بمشاركة 145 نائبا بمجلس النواب الذي يضم 150 مقعدا، حيث تمكن بوسما من أن يصبح “أول رئيس يميني متطرف لمجلس النواب الهولندي”، بحصوله على 75 صوتا في الجولة الثانية.
وعقب الانتخابات العامة المبكرة في 22 نوفمبر الماضي، حصل حزب فيلدرز على 37 مقعدا بنسبة 23.5 بالمئة من أصوات الناخبين، فيما حصد “حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية” بزعامة ديلان يشيلكوز، 24 مقعدا.
وحصل “حزب العقد الاجتماعي الجديد” بزعامة بيتر أومتزجت، على 20 مقعدا، و”حزب حركة المواطنين المزارعين” بزعامة كارولين فان دير بلاس، على 7 مقاعد، ليعلن عقبها فيلدرز عزمه تشكيل ائتلاف يضم هذه الأحزاب اليمينية.
وتوزعت بقية الأصوات على تحالف حزبي “العمل” و”اليسار الأخضر” 25 مقعدا، وحزب “الديمقراطيون 66″ 9 مقاعد، و”الحزب الاشتراكي” و”حزب النداء الديمقراطي المسيحي” 5 مقاعد لكل منهما.
فيما حصلت 5 أحزاب أخرى على 3 مقاعد لكل منهما، وتبقى ثلاثة مقاعد لحزبين آخرين أقل تمثيلا في البرلمان.
حزب “الاتحاد الكونفدرالي” في بولندا
ووفقا لنتائج الانتخابات التي أجريت في 15 أكتوبر الماضي في بولندا، ذات الـ 40 مليون نسمة، جاء حزب “القانون والعدالة” الحاكم في المركز الأول بنسبة 35.38 بالمئة من الأصوات.
وبعد الحزب الحاكم حلت ثانيا كتلة المعارضة الرئيسية بقيادة رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي السابق دونالد تاسك، بنسبة 30.70 في المئة، ثم تحالف “الطريق الثالث” بـ 14.4 بالمئة.
وحصل “حزب اليسار الجديد” على 8.61 بالمئة من الأصوات، وحزب الاتحاد الكونفدرالي اليميني المتطرف على 7.16 بالمئة.
وبعد خسارة رئيس الوزراء السابق ماتيوس مورافيتسكي، التصويت على الثقة في البرلمان بتاريخ 11 ديسمبر الجاري، جرى حل حكومة حزب القانون والعدالة بعد ثماني سنوات من الحكم في بولندا.
حزب “فوكس” في إسبانيا
تمكن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، من تشكيل حكومة ائتلافية من الأقلية اليسارية بعد الانتخابات العامة المبكرة التي أجريت في 23 يوليو/ تموز الماضي، بدعم 6 أحزاب، وحصوله على ثقة البرلمان في 16 نوفمبر الماضي، بأغلبية 179 صوتا من أصل 350 مقعدا.
وحصل سانشيز، الذي انتخب رئيسا للوزراء للمرة الثالثة منذ يونيو 2018، على 121 صوتا من حزبه “العمال الاشتراكي”، و31 صوتا من حزب “سومار”، الشريك الأصغر في الائتلاف، و7 أصوات من كل من “اليسار الجمهوري” في كتالونيا، و”الاتحاد من أجل كتالونيا”، و6 من حزب “بلاد الباسك معا”، و5 من “القومي الباسكي”، وصوت واحد من كل من الكتلة القومية الجاليكية وتحالف الكناري.
وصوت ضد سانشيز كل من “الشعب اليميني”، الحزب الأكبر في البرلمان بـ137 نائبًا، وحزب “فوكس” اليميني المتطرف 33 نائبا، واتحاد “شعب نافارا”، الذي يملك نائبا واحدا فقط.
وعند إعلان برنامجه الانتخابي قبل الانتخابات العامة، وعد حزب “فوكس” بـ”إرسال المهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم وإغلاق المساجد الأصولية”.
تأثير اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي 2024
وإلى جانب الأوضاع السياسية الداخلية للدول، يتابع الإعلام الأوروبي والعالمي باهتمام بالغ تزايد الدعم لأحزاب اليمين المتطرف، وتأثيره على انتخابات البرلمان الأوروبي المقرر إجراؤها يومي 6 و9 يونيو 2024.
وتهدف المجموعة السياسية “الهوية والديمقراطية” التي شكلتها الأحزاب الشعبوية واليمينية المتطرف في البرلمان الأوروبي، إلى الحصول على المركز الثالث في الانتخابات المقبلة.
وبحسب نتائج مسح أجرته منظمة (Europe Elects) الأوروبية لاستطلاعات الرأي، ونشرت نتائجه في 30 نوفمبر الماضي، فإن معدلات التصويت للأحزاب اليمينية المتطرفة في الدول الأوروبية وصلت في الآونة الأخيرة إلى “مستويات أعلى من أي وقت مضى”.
وفي المسح المذكور، أظهرت النتائج تزايد شعبية أحزاب اليمين المتطرف، المتجمعة تحت مظلة “الهوية والديمقراطية” في البرلمان الأوروبي، حيث تشغل 60 مقعدا فيه من أصل 705.
كما توقعت النتائج حصول التجمع اليميني المذكور على 87 مقعدا في الانتخابات المقبلة.
اليمين المتطرف في فرنسا والسويد وإيطاليا
أظهرت الاتجاهات اليمينية المتطرفة التي ارتفعت في الدول الأوروبية خلال السنوات الأخيرة، تأثيرا واضحا على الانتخابات في عدد من الدول الأوروبية، وخاصة في إيطاليا.
وحقق حزب “إخوة إيطاليا” اليميني المتطرف أول انتصار حاسم له من خلال تسلم مقاليد الحكم في البلاد، بتصدره نتائج الانتخابات العامة التي أجريت في 25 شتنبر 2022، لتصبح زعيمة الحزب جيورجيا ميلوني أول رئيسة وزراء لإيطاليا من اليمين المتطرف.
وفاز ائتلاف اليمين، الذي يضم أحزاب “إخوة إيطاليا” و”الرابطة” و”فورزا إيطاليا”، في الانتخابات العامة الإيطالية بعد حصوله على 44 بالمئة من الأصوات، وحصول “إخوة إيطاليا” على 26,2 بالمئة منها.
وفي فرنسا، واجهت مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون في الجولة الأولى من الانتخابات في 10 أبريل 2022.
وبما أن أيا من المرشحين لم يحصل على أكثر من 50 بالمئة في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، انتقلت الانتخابات إلى الجولة الثانية، والتي حقق فيها ماكرون الفوز على لوبان في 24 أبريل 2022.
ومع ذلك، تم اعتبار تلك الانتخابات “تاريخية”، حيث زادت فيها أصوات لوبان واليمين المتطرف في فرنسا.
“ديمقراطيو السويد” ثاني أكبر حزب في البلاد
في الانتخابات التي أجريت في 11 سبتمبر 2022، رفع حزب “ديمقراطيو السويد” اليميني نسبة أصواته إلى 20.5 بالمئة، ليصبح ثاني أكبر حزب في البلاد، فيما أسندت مهمة تشكيل الحكومة إلى زعيم “حزب المحافظين” المعتدل أولف كريسترسون.
وحصلت أحزاب كتلة اليمين على 49.6 بالمئة من الأصوات، فيما حصدت أحزاب كتلة اليسار 48.9 بالمئة.
وتم تشكيل حكومة ائتلافية يمينية في البلاد بعد 36 يومًا من الانتخابات، فيما أعلن حزب “ديمقراطيو السويد” اليميني دعمه للحكومة المشكلة في السويد.