المشاركون في المؤتمر البرلماني حول الحوار بين الأديان: حوار الأديان وسيلة أساسية لتكريس دولة القانون وتعزيز الاندماج
أكد المشاركون في المؤتمر البرلماني حول الحوار بين الأديان، أمس الخميس بمراكش، أن حوار الأديان المبني على تعزيز الحريات والحقوق الأساسية يعتبر وسيلة أساسية من أجل تعزيز الإدماج وتكريس دولة القانون وتشجيع الجهود المشتركة الهادفة إلى تطوير المجتمعات.
وسجل هؤلاء المشاركون في “إعلان مراكش”، الذي توج أشغال المؤتمر، المنظم من 13 إلى 15 يونيو الجاري، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أنه “إذا كان بإمكان مختلف الأديان والمعتقدات أن تنير تفكيرنا حول العالم وحول أوضاع مواطنينا، فإن من واجبنا، نحن المشرعين إزاء الدول والشعوب، أن نخلق الظروف المادية التي تيسر حياة سليمة وسعيدة بالنسبة للجميع”.
وأبرزوا أنه يتعين على البرلمانيين كفالة احترام دولة القانون وجميع الحقوق الانسانية والحريات الأساسية، من قبيل حرية التفكير، وحرية الرأي وحرية التدين والمعتقد، وحرية التعبير والتجمع، وأيضا الحرص على أن يتمتع الجميع بهذه الحقوق والحريات دون تمييز.
واعتبروا أنه “في الوقت الذي خرج فيه العالم للتو، من جائحة “كوفيد 19” التي جثمت على العالم لثلاث سنوات، فإنه يتعين مواجهة تناسل وتصاعد النزاعات المسلحة، والتوترات الجيو-سياسية وتدهور البيئة، وهي عوامل تعمق اللامساواة وعدم الاستقرار الاقتصادي والأزمات الإنسانية القائمة.
ولاحظوا أن المجال المدني آخذ في التقلص، والتقاطب الاديولوجي يتزايد، والعنف السياسي يتصاعد في عدد من السياقات، وأن الأخبار والمعلومات الكاذبة وخطابات الحقد تزداد انتشارا ويتم تضخيمها من طرف شبكة التواصل الاجتماعي، فيما يشعر المواطنون في عدد من مناطق العالم، أكثر فأكثر، بأنهم ليسوا في أمان وأنهم يفقدون الثقة في المؤسسات.
ونبهوا إلى أنه في الوقت الذي تحتد فيه نزعات عدم التسامح إزاء الأقليات أو المجموعات الدينية والعقدية، تعاني النساء، في المقام الأول، من تبعات هذه النزعات علما بأنهن يواجهن أصلا صعوبات في التمتع بمجموع حقوقهن المدنية على قدم المساواة مع الرجال، ويعانين من مختلف أشكال التمييز والعنف المبني على الجنس، وأحيانا باسم الدين أو المعتقد، مبرزين أن الشباب، الفئة السكانية الآخذة في الاتساع، يجدون صعوبات كبيرة في إسماع صوتهم إلى العالم.
واعتبروا أنه “إذا كان يتعين عدم تعريض أي ديانة أو عقيدة للتمييز أو التهميش من جانب أي مجموعة، فإنه يتعين على الجميع عدم تزكية العنف اتجاه أي مجموعة أخرى”، مؤكدين أن الإرهاب والتطرف العنيف باعتبارهما آفتين خطيرتين تهددان السلم والأمن لا يمكن ربطهما بديانة أو عقيدة أو مجموعة عرقية أو ديانة بعينها.
وبعدما أكدوا أهمية الاعتدال في تسوية النزاعات المرتبطة بالدين أو العقيدة وعلى الدور الحاسم للآليات والمؤسسات المسخرة لتسوية النزاعات، أعرب المشاركون في المؤتمر عن انشغالهم من تراجع عام للديمقراطية وتبدد لقيم التضامن وللمبادئ الأخلاقية في السياسة وداخل المجتمعات عامة.
ويتطلب حل هذه المشاكل، وفق الإعلان، عملا ملموسا وحاسما من لدن الجميع “البرلمانيون بسلطاتهم التشريعية، وكذا مجموع الفاعلين في المجتمع، بما في ذلك المؤسسات الرسمية والمجموعات الدينية والعقدية والمنظمات الدينية وهيئات المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية”، مؤكدين أنهم مطالبين، في فترات الأزمة واللايقين، خاصة، بتجسيد روح القيادة القوية من أجل توحيد الناس حول رؤية مشتركة من أجل المستقبل.
وعبر المشاركون عن اقتناعهم بضرورة إرساء عقد اجتماعي يعزز الكرامة المشتركة، والإخاء والمساواة بين جميع الأشخاص والتزامهم من أجل بناء مجتمعات قوية قادرة على الادماج، يستطيع كل فرد أن يجد فيها مكانته، وتشجيعهم لثقافة الحوار داخل البرلمانات باعتبارها مؤسسات لنشر السلام والإدماج.
واعتبروا أن قادة المجموعات الدينية أو المجموعات العقدية، هم شخصيات عمومية مؤثرة تتمتع بإشعاع هام، وأن الشبكات الدينية أو العقدية تتجاوز مجموعات المصالح والحدود الوطنية، إذ إنهم غالبا ما يوجدون في الخطوط الأمامية في مواجهة الأوضاع الاستعجالية ويشكلون ملاذا آمنا بالنسبة للأشخاص الذين يحتاجون ذلك.
وسجلوا أن العديد من مبادرات المجموعات الدينية والعقدية التي تعمل من أجل النهوض بالتعايش السلمي والمساواة في الحقوق بين جميع الشعوب، نماذج يحتدى بها، ويمكن للبرلمانيين الاستفادة من الوعي المتزايد بتأثير وأهمية الديانات والمعتقدات ومساهمتها في رفاهية البشرية.
وخلصوا إلى تأكيد إرادتهم للعمل معا من أجل التعايش السلمي والإدماج وبناء مؤسسات قوية في إطار الاحترام التام لدولة القانون.