عبد الإله الوهابي، المتحدث باسم المركز التربوي الإسلامي بمكسيكو: المراكز الإسلامية لا تقتصر على كونها مكانا للصلاة فقط، بل هي رمز للتضامن والتآزر والتنمية الاجتماعية لمسلمي المدينة
مع حلول شهر رمضان من كل عام، يحرص توفيق الخياري، المغربي المقيم في مكسيكو منذ 13 عاما، على التمسك بطقوس وعادات شهر رمضان، فرغم العدد القليل لأفراد الجالية المغربية والجاليات المسلمة في المكسيك عامة، يبقى هذا الشهر الفضيل مناسبة لل قاء والاحتفال في أجواء روحانية، وحتى مغربية كلما سمحت الظروف.
في حديثه لوكالة المغرب العربي للأنباء، يؤكد هذا الشاب الثلاثيني، ابن مدينة طنجة، حرصه على اصطحاب ابنه ذي الست سنوات، مرتديا الزي التقليدي المغربي، إلى المركز الإسلامي في بولانكو بالعاصمة المكسيكية، حيث يتسنى له أداء صلاة التراويح والاستماع إلى الخطب والدروس الدينية. ويجتمع في الكثير من الأحيان مع بعض أفراد الجالية المغربية حول موائد الإفطار.
ويعتبر الشهر الفضيل وغيره من المناسبات الدينية فرصة بالنسبة للسيد الخياري لتوطيد صلة ابنه، الذي رأى النور في المكسيك، بالعادات المغربية، في الطبخ واللباس وغيرها، وبتعاليم الدين الإسلامي السمح، وخاصة مقاصد هذا الشهر الفضيل من صلة الرحم والتضامن والمساعدة في ما بين المغاربة وسائر الجاليات المسلمة.
ويرى توفيق، الذي يعمل في مجال الهندسة، أن هذا المسجد وغيره من المراكز التربوية والثقافية الإسلامية بمكسيكو، وعلى الرغم من قلتها، هي بمثابة “الملاذ” خلال شهر رمضان وباقي الأعياد والمناسبات الدينية، كونه يشكل فضاء لأداء صلاة التراويح جماعة، وتلاوة القرآن، ويوفر الفرصة كذلك للتواصل بين المسلمين من بلدان مختلفة، وتعزيز العادات والتقاليد الرمضانية من ثقافات متعددة.
وفي هذا الصدد، أكد عبد الإله الوهابي، المتحدث باسم المركز التربوي الإسلامي بمكسيكو، أن المراكز الإسلامية لا تقتصر على كونها مكانا للصلاة فقط، بل هي رمز للتضامن والتآزر والتنمية الاجتماعية لمسلمي المدينة، ولا سيما في المناسبات والأعياد الدينية، حيث يشتد الحنين إلى الأجواء في البلد الأم.
وقال السيد الوهابي، في تصريح للوكالة، إن المركز الذي يضم المسجد الوحيد في مكسيكو، يعد المكان الذي يجدد فيه المسلمون الصلة بعباداتهم وثقافتهم وقيم الدين الإسلامي، سواء في رمضان حيث يلتئمون حول موائد الإفطار الجماعي ووقت صلاة الجمعة والتراويح، أو في الأعياد التي تغيب مظاهرها في المدينة وتحضر في المركز على الدوام.
وأضاف السيد الوهابي، المغربي المقيم في مكسيكو لقرابة عشرين عاما، أن للمركز أدوار اجتماعية تعمل على توحيد الأسر والعائلات المسلمة وتعزيز العلاقات والروابط في ما بينها، وتفشي أيضا قيم الإسلام السمحة القائمة على التعايش والتسامح واحترام الآخر، إلى جانب توفير أجواء أسرية دافئة للمسلمين البعيدين عن ذويهم بسبب ظروف الحياة والعمل أو الدراسة.
بدوره، يحرص فقيه حقي، الباكستاني المقيم في المكسيك لما يقارب خمسة عشر عاما، على إفشاء مظاهر الاحتفال بشهر رمضان المبارك بين أفراد أسرته الصغيرة والكبيرة، وحتى أقاربه ومعارفه من غير المسلمين، حرصا على العادات وتشبثا بالعبادات، لكن بما يطفئ أيضا جذوة الحنين إلى إحياء الشهر الفضيل في بلده الأم.
كغيره من أفراد الجاليات المسلمة المقيمة بالمكسيك، يبدأ هذا الستيني المتقاعد الاستعداد قبل أسابيع من الشهر الفضيل، إذ يقضي ساعات طويلة في تنسيق زينة الجدران وانتقاء المصابيح والفوانيس، وترتيب الركن الخاص بالصلاة وتلاوة القرآن في البيت.
في حديثه لوكالة المغرب العربي للأنباء، يتذكر السيد حقي بالكثير من الحنين أيام رمضان في باكستان، حيث تتزين الشوارع بالأضواء الملونة وتكتظ الأسواق بالمنتجات الخاصة بأطباق رمضان، وتمتلئ المساجد بالمصلين، وتكثر مبادرات التضامن والتآزر بين الناس، وهي الأجواء التي يفتقدها إلى حد كبير في هذا البلد اللاتيني.
ولا يثني غياب مظاهر الاحتفال برمضان في المكسيك، السيد حقي عن إحياء الشعائر والعادات كما دأب في بلده الأم، كما يحرص على الالتئام وأفراد من الجاليات المسلمة المقيمة بمكسيكو، من حين إلى آخر، حول موائد الإفطار، أو لأداء الصلاة في أجواء دافئة وروحانية تساعد على تحقيق مقاصد هذا الشهر المبارك.
وبالنسبة للسيد حقي، يعد هذا الشهر فرصة أيضا لتقاسم ألذ الأطباق الباكستانية مع الجاليات المسلمة الأخرى، حيث يحرص بمعية زوجته، بشكل يومي تقريبا، على تحضير أكثر الأكلات استهلاكا في رمضان، من بينها (كباب التكا) أو (النهاري باللحم) أو (الحلاوة بوري) وحتى (السمبوسة الباكستانية)، وهو طبق مقبلات ساخن، أو برياني الأرز الباكستاني الأكثر شيوعا، وإحضارها إلى مسجد مكسيكو رفقة أحفاده الثلاثة لتقاسمها مع الصائمين. ولئن كانت مظاهر إحياء الشهر الفضيل تغيب في الحياة العامة، إلا أن مسلمي المكسيك يحرصون على إبقاء أجواء رمضان، بطقوسه وعاداته وعباداته، حاضرة في حياتهم اليومية