مغاربة ألمانيا يجسدون روحهم التضامنية المأثورة ويكرسون ارتباطهم الراسخ ببلدهم الأصلي من خلال تنفيذ العديد من المبادرات التي تسلط الضوء على قيم التعايش والتضامن
استقبل المغاربة في ألمانيا شهر رمضان، في أجواء من التقوى والسكينة، وبروح من الإخاء والتلاحم، مقبلين بحماس بين على مختلف الأنشطة والطقوس الروحية المرتبطة بهذا الشهر المبارك.
يكرس المغاربة، في برلين، ارتباطهم الراسخ والعميق ببلدهم الأصلي من خلال تنفيذ العديد من المبادرات التي تسلط الضوء على قيم التعايش والتضامن والمشاركة مع الأشخاص الذين يواجهون صعوبة في تلبية احتياجاتهم المتعددة خلال هذه الفترة.
روح ووعي انبثقت منهما أعمال تضامنية نبيلة في هذا الشهر المبارك على غرار مبادرة “إفطار الصائم” التي يتعبأ لها العديد من أفراد الجالية تكفلا بإطعام الفئات الهشة في جو يسوده الهدوء والتآزر.
كما تطمح الجالية المغربية المقيمة ببرلين، من خلال تنظيم هذه المبادرة، إلى أن تعكس روح الكرم والعطاء والتطوع التي تجسد جوهر منظومة القيم التي صنعت هوية وطنهم الأم. وقد شارك المغاربة في ألمانيا بسخاء في هذا العمل التضامني الذي تتبعه مبادرات أخرى مماثلة طوال هذا الشهر الكريم.
ويقول أحمد، أحد المبادرين لهذه الأعمال التضامنية، لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هذا النوع من العمليات، في البلد المضيف، يفسح المجال أمام تقوية أواصر الأخوة والتضامن، خصوصا تجاه المغاربة والمسلمين عموما ممن يقضون الشهر الكريم خارج محيطهم العائلي.
وأضاف قائلا “إنه مصدر فرح وطمأنينة لهؤلاء الناس، مما يسمح لهم بأن يعيشوا الأجواء الرمضانية في إطار دافئ حتى لو لم يكونوا في بلدهم الأصلي مع أحبائهم”.
وتقول نادية، الشابة المغربية المقيمة بالعاصمة الألمانية، “إن الأجواء العائلية الخاصة في المغرب لا مثيل لها، ولكن علينا التكيف مع الأوضاع والعيش بشكل مختلف، حين يتعذر التواجد بين أهلنا بسبب التزاماتنا المهنية. نحاول هنا الحفاظ على الطقوس والتقاليد الخاصة بهذا الشهر”.
وأشارت إلى أن العديد من المسلمين، سواء كانوا مغاربة أو غيرهم، يخططون لقضاء إجازاتهم خلال هذا الشهر المبارك ليمارسوا طقوسه في بلدهم الأصلي، منغمرين في التقاليد الروحية التي تميزه.
وقالت إنه “على عكس المدن التي بها جالية مغربية كبيرة، هنا في برلين، عليك أن تعد بنفسك مختلف الوجبات المغربية الشعبية خلال هذا الشهر المبارك”، مضيفة أن التجمعات الرمضانية التي ينظمها المسلمون خلال هذه الفترة تجعل من الممكن خلق نسيج سوسيو-ثقافي متلاحم يسمح بتجاوز الشعور بالعزلة.
من جهته، أقر المهدي الذي يقضي رمضان للمرة الثالثة بعيدا عن عائلته، بصعوبة التجربة الرمضانية في هذا البلد المضيف، بسبب انعدام الجو الروحي المتأصل في الشهر المبارك.
وأعرب هذا الشاب المغربي، الذي يحرص على الذهاب إلى المسجد كل مساء لأداء التراويح، عن فرحه لرؤية المغاربة يجتمعون من حين لآخر، الأمر الذي يمنحه شعورا بالسعادة والسلام، مشبعا بالحنين إلى الوطن.
ولا يقتصر هذا الجو الرمضاني الذي يخلقه المغاربة في ألمانيا على برلين، بل يوجد أيضا في مدن ألمانية أخرى، مثل دوسلدورف، التي تضم جالية مغربية كبيرة.
ويظهر السكان المنحدرون من المغرب في هذه المدينة موحدين خلال الشهر الفضيل، من خلال إطلاق مبادرات تضامنية متعددة على مجموعات فيسبوك، تتعلق على وجه الخصوص بالإعداد المجاني لوجبات الطعام المغربية المعروفة التي تزين طاولات الإفطار لفائدة الطلاب المغاربة الذين يعيشون بمفردهم والنساء الحوامل، وغيرهم من الشرائح.
داخل المغرب وخارجه، تصاحب قيم رمضان وطقوسه مغاربة المهجر في ألمانيا، كما في غيرها، تعبيرا عن الانتماء إلى إرث جماعي ومنظومة قيم خالدة.