“الأبعاد التاريخية والدبلوماسية للعلاقات بين المغرب والنمسا”، محور ندوة دولية احتضنها مقر الأكاديمية الدبلوماسية بفيينا بمبادرة من سفارة المملكة بالنمسا
شكلت “الأبعاد التاريخية والدبلوماسية للعلاقات بين المغرب والنمسا” محور ندوة دولية احتضنها مقر الأكاديمية الدبلوماسية بفيينا، وذلك بمبادرة من سفارة المملكة بالنمسا.
ويندرج هذا اللقاء، الذي نُظم يوم الجمعة الماضي بالشراكة مع وزارة الشؤون الأوروبية والدولية النمساوية والأكاديمية الدبلوماسية في فيينا، في إطار الأنشطة المخصصة للاحتفال بالذكرى الـ 240 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والنمسا.
وفي كلمة له خلال افتتاح هذه الندوة، سلط سفير المغرب في فيينا، عز الدين فرحان، الضوء على العمق التاريخي للعلاقات بين المغرب والنمسا، مشيرا إلى السياق والبروتوكول المعتمد في المهمة الدبلوماسية التي قادها السفير محمد بن عبد الملك إلى فيينا في العام 1783، والتي توجت بتوقيع معاهدة الصداقة والتجارة بين المغرب والنمسا.
وأكد في هذا الصدد أن “العلاقات بين المغرب والنمسا شهدت خلال السنوات الأخيرة زخما غير مسبوق، تميز بتبادل زيارات على أعلى المستويات وتوقيع سلسلة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في عدة مجالات مشتركة”، مشيرا إلى إسهام المغرب والنمسا، كدولتين لهما ممارسات دبلوماسية متشابهة وكان لهما دائما دور رئيسي في التاريخ، من أجل التقارب بين أوروبا وإفريقيا وكذلك لتطوير القانون الدولي وتدوينه.
وأبرز السيد فرحان أيضا الزخم الجديد في العلاقات بين البلدين على جميع المستويات، مشيرا إلى الزيارة الرسمية للمستشار النمساوي إلى المغرب للاحتفال بالذكرى الـ 240 للعلاقات الدبلوماسية وتبني خارطة طريق بهدف إقامة حوار استراتيجي بين البلدين.
وأضاف الدبلوماسي: “يتيح لنا الاحتفال بالذكرى الـ 240 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والنمسا فرصة للتوقف عند التاريخ لفهم الديناميكية التي تشهدها العلاقات بين البلدين حاليا، واستكشاف كيف يمكننا المساهمة معا في تطويرها وتعميقها، بناء على تراثنا التاريخي”.
وبهذه المناسبة، قدم أساتذة مغاربة ونمساويون، لاسيما فاطمة الزهراء إفلاحن والحسين شكراني ووالتر سوير وستيفان ويتش، من جامعة القاضي عياض في مراكش وجامعة فيينا، عروضا حول تاريخ العلاقات المغربية- النمساوية.
وتناولت العروض السياق التاريخي المهيمن في أوروبا والبحر الأبيض المتوسط في أواخر القرن الثامن عشر، والتحولات والإصلاحات الهيكلية التي تم تنفيذها في المغرب والنمسا خلال نهاية القرن الثامن عشر بواسطة السلطان سيدي محمد بن عبد الله والإمبراطور جوزيف الثاني، بالإضافة إلى المهمة الدبلوماسية للسفير محمد بن عبد الملك والبروتوكول الاحتفالي الذي تم تخصيصه له من قبل البلاط الملكي النمساوي.
وفي عرضها بعنوان “اللقاءات النمساوية المغربية: مصدر الصداقة المستدامة”، أشارت السيدة إفلاحن إلى أن المغرب والنمسا كانا “نموذجين حقيقيين” في إقامة علاقات تحت شعار المساواة والتعاون المحترم.
من جانبه، قدم الأستاذ الحسين شكراني تحليلا لمواد معاهدة الصداقة والتجارة، التي تم توقيعها في العام 1783 كآلية عززت العلاقات بين المغرب والنمسا، وفتحت الباب أمام إقامة نموذج للتعاون بين الأمتين العظيمتين.
وفي ختام الندوة، أكد كل من السفير فرحان والسفير كريستوف ثون-هوهنشتاين، المدير العام للعلاقات الثقافية الدولية في وزارة الشؤون الخارجية النمساوية، دور المغرب والنمسا كفاعلين للسلام على الساحة الدولية، وكبلدين كبيرين لهما تاريخ مشترك وساهما في تدوين القانون الدبلوماسي المعاصر.
وتميزت الندوة، التي أدار أشغالها مدير الأكاديمية الدبلوماسية في فيينا، إميل بريكس، والذي شدد على أهمية “بناء الجسور في البحر الأبيض المتوسط”، بحضور كبار المسؤولين من الوزارة الاتحادية النمساوية للشؤون الأوروبية والدولية، وسفير باكستان رئيس فرع فيينا لمجموعة الـ 77، أفتاب أحمد خوخار.
وشهد الحدث أيضا مشاركة أعضاء لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة، وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد في فيينا، بالإضافة إلى عدد من الباحثين والطلاب.