مجلس الجالية المغربية بالخارج يحتضن فعاليات الندوة الدولية الثالثة لربيع العلوم الاجتماعية بجامعة الأخوين بإفران تحت شعار “الهجرة وحوار الأديان والثقافات: ممكنات وتحديات” من 12 إلى 14 ماي المقبل
بمبادرة من مجلس الجالية المغربية بالخارج، تنعقد بمركز الندوات والتكوينات التابع لجامعة الأخوين، بإفران، أيام 12 و13 و14 ماي المقبل، فعاليات الندوة الدولية الثالثة لربيع العلوم الاجتماعية، في موضوع: “الهجرة وحوار الأديان والثقافات: ممكنات وتحديات”، وهي الندوة التي تنظم في إطار تعاون بناء وشراكة استراتيجية مثمرة، ما بين مجلس الجالية المغربية بالخارج، وجامعة الأخوين إفران وكلية الآداب والعلوم الإنسانية الرباط ومركز ابن خلدون لدراسات الهجرة والمواطنة. وذلك على درب المساهمة في تعميق النقاش العلمي وتبادل التجارب والخبرات حول الهجرة وحوار الأديان والثقافات.
وتتوزع فعاليات هذا الملتقى العلمي الدولي الذي يحضره باحثون في العلوم الاجتماعية من داخل المغرب وخارجه، على جلسة افتتاحية ودرس افتتاحي وخمس جلسات علمية وعشر رشات تفكير لعرض ومناقشة أشغال الندوة، فضلا عن حفلات توقيع وتكريم، ومعرض لكتب العلوم الاجتماعية. هذا بالإضافة إلى حفل تسليم الجائزة الدولية لأفضل أطروحة دكتوراه في العلوم الاجتماعية حول قضايا الهجرة.
جدير بالذكر بأن أشغال الندوة الدولية الثالثة لربيع العلوم الاجتماعية ستصدر في خمسة كتب، وهي “الهجرة وحوار الأديان والثقافات: مفاهيم ومنظورات”، “الهجرة وتدبير المعتقد الديني: ممكنات وتحديات”، “الهجرة والدين أفقا للبحث والتأويل: قراءات ومقاربات سوسيوتاريخية”، “الهجرة وتحديات التعددية الدينية: قضايا وظواهر” و”الهجرة وحوار الأديان والثقافات” بالفرنسية والإنجليزية، وهي الأعمال التي نسقها كل من الدكتور جمال الدين الهاني والدكتور عبد الرحيم العطري والدكتور عبد الكريم مرزوق.
ويشارك في هذا الحدث العلمي أزيد من 120 مشاركة ومشارك من المغرب وتونس ومصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر وفلسطين واليمن وسلطنة عمان ولبنان وفرنسا وإيطاليا وسويسرا وبلجيكا والسويد وإنجلترا…، ما يشكل مناسبة ثرية لأجل تشبيك العلاقات العلمية بين الباحثين في العلوم الاجتماعية، والمساهمة في تعزيز الدبلوماسية العلمية والثقافية.
يقول الدكتور عبد الله بوصوف الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، في معرض تقديمه لكتب الندوة: “لقد عرف العالم خلال جائحة كورونا استعادة مطلقة للصراع التاريخي بين المحلي والعولمي، وبدا واضحا أن هناك حاجة اليوم إلى الخروج من منطق الصراع إلى فضيلة الحوار، بين الأديان والثقافات والحضارات، والهجرة هي المؤهلة اليوم لقيادة مشروع الحوار والتواصل والعيش المشترك، بعيدا عن السقوط في عقدة التضخم الهوياتي أو الانهزامية الهوياتية، فلا ضرر ولا ضرار. فلا بد من البحث عما يسمح لكل ثقافة بالتعبير عن ذاتها، ودون أن تتعرض للتهميش أو الإقصاء، والذي يؤدي حتما إلى العنف وكافة الأعطاب والتهديدات”.
ويضيف الدكتور عبد الله بوصوف موضحا بأن الهجرة “ساهمت، تاريخيا، في خلق جسور للتواصل بين الثقافات والأديان، إذ أصبحنا نتحدث اليوم، بسبب هجرة الأفكار والقيم والمعتقدات والممارسات، عن الثقافة الكونية الهجينة، في إطار ما يسمى بالتناسج الثقافي، لدرجة أنه من الصعب القول اليوم بوجود ثقافة خالصة. وفي هذا السياق تأتي الندوة الدولية لربيع العلوم الاجتماعية في دورتها الثالثة حول موضوع “الهجرة وحوار الاديان والثقافات”، من أجل الوقوف عند طبيعة الحوار بين الثقافات المختلفة، والأديان المتعددة في بلاد المهجر، الأمر الذي يطرح إشكالات كبيرة على مستوى الهوية الثقافية وسبل تدبيرالمعتد الديني، خاصة على مستوى العلاقات بين الأفراد من ديانات مختلفة في بقعة جغرافية واحدة”.
وعن أهمية التناظر العلمي الذي تتيحه الندوة يقول الدكتور عبد الله بوصوف بأن “البحث العلمي حول الديناميات الهجروية بات أمرا ملحا، خاصة في ظل تزايد نسبة المهاجرين واللاجئين على المستوى العالمي، بسبب التحولات الاقتصادية والتكنولوجية والأزمات والحروب وتحول في “النظرة إلى الكون” ورهانات “بناء المشروع الشخصي” للأفراد والجماعات. فمن الضروري أن نفهم المهاجر ككائن ثقافي، ونقارب وضعياته الهجروية وتصوراته ومواقفه وممارساته اتصالا بتدبير المعتقد الديني واللغة والهوية والتعدد الثقافي والديني، لأن التفكير في الطريقة والأسلوب الذي يدبر بها المهاجر حاجاته وإمكاناته، يساعد حتما في استيعاب وإدراك نوع وشكل المخاطر التي تهدده، أو الفرص التي تتاح له من أجل خدمة مشروعه الشخصي وانتمائه الوطني وشهوده الحضاري والإنساني”.
إن وصول ربيع العلوم الاجتماعية إلى دورة ثالثة، وبمستوى دولي مشرف، ليعد مبعثا للفخر والاعتزاز، بهكذا تعاون معرفي، أثمر فضاء تعدديا للتناظر والحوار العلمي لأجل تجسير العلاقات بين الباحثات والباحثين من جهة والمسؤولين والمتدخلين في قضايا الهجرة من جهة ثانية، فمن حقنا أن نفرح بوصولنا إلى عتبة الترصيد والتمهير، بعد تجاوزنا لعتبة الدهشة والتأسيس، وذلك لاعتبارين أساسيين، الأول منهما يتعلق باستمرارية الفعل الثقافي لربيع العلوم الاجتماعية، والثاني يتصل بالثراء المعرفي لهذه الدورة، التي تصدر في إطارها خمسة كتب ممهورة بتوقيعات عشرات الأساتذة الباحثين والطلبة الباحثين في سلك الدكتوراه، من داخل المغرب وخارجه، والذين جعلوا من الديناميات الهجروية وأسئلة الدين والتدين وحوار الأديان والثقافات، أفقا للاشتغال والبحث والتأويل.
بفضل ثقافة الإصرار والتحدي وثقة الشركاء والمساهمين في صناعة الأثر، تحقق الإنجاز وواصل ربيع العلوم الاجتماعية حضوره وتميزه. وذلك من أجل إغناء النقاش وتبادل التجارب والخبرات وعرض نتائج البحوث والدراسات التي قاربت الموضوع بالدرس والتحليل، وهو ما يجعل من هذه الدورة مثمرة ومتميزة بهذا الرهان الدولي الذي اكتسب من خلاله “ربيع العلوم الاجتماعية” مكانة محترمة في خارطة المواعيد العلمية الدولية، وهو ما يرفع أفق الانتظار وسقف الرهانات مستقبلا إلى “دورات مهاجرة”، قد تنعقد كل مرة في دولة ما، بحيث يصير هذا الربيع ملكا لكل الباحثات والباحثين في العلوم الاجتماعية من مختلف دول المعمور.